موضوع: الاغذية الحيوانية المحرمة الثلاثاء أغسطس 25, 2009 3:03 pm
الباب الثالث الأغذية الحيوانية المحرمة
قال الله تعالى في محكم كتابه العزيز: { حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير ، وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ، وما ذبح على النصب وأن تستقسمها بالأزلام ، ذلكم فسق} المائدة (3). وقال جل من قائل: { فل لا أجذ فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس، أو فسقا أهل لغير الله به ، فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم} الأنعام (145) . وقد أثبت العلم الحديث الكثير من الحقائق العلمية التي تؤيد تحريم هذه الأطعمة لما تتضمنه من مفاسد وأضرار على صحة الإنسان: (1) الميتة: وهي ما مات حتف أنفه سواء موتا عاديا أو بالشيخوخة أو بالاصابة بالأمراض أو بالذبح دون الإلتزام باذكاة الشرعية: ()
فالموت بسبب الشيخوخة ينجم عن تحلل الأنسجة وتلفها، والذي ينتج عن ضعف طبيعي في الحيوان أو عن مرض غير منظور ، فيحدث ذلك تغيرات في لحم الحيوان ويقلل من قيمته الغذائية وقابليته للهضم ، فضلا عن الأضرار المتعلقة بانحباس الدم .
أما الميتة بسبب مرض من الأمراض الفتاكة التي تصيب الحيوانات مثل السل والجمرة الخبيثة (الانثراكس) وجراثسم السالمونيلا والكلستريديوم وغيرها. فتناول لحوم هذه الحيوانات يشكل خطورة على صحة الإنسان ، لأن الميكروبات المسببة لهذه الأمراض ما تزال متواجدة ونشطة وقد تقوم بإفراز سمومها.
وقد رخص الشارع الحكيم بتناول أنواع من الميتة مثل لحوم السمك والجراد، كما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " أحلت لنا ميتتان : السمك والجراد، ودمان : الكبد والطحال" رواه أحمد والشافعي وابن ماجة والبيهقي والدار قطني. (2) الدم: أي الدم المسفوح () ، إذ يعد الحيوان المسفوح من أفضل البيئات لنمو الجراثيم الضارة والممرضة ، لذلك كانت حكمة تحريم تناوله. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن الدم حامل لعدد كبير من الجراثيم والسموم والفضلات الضارة الناتجة عن عمليات الأيض والتمثيل الغذائي وعمليات الهدم والبناء في الأنسجة () . ويؤدي تناول الدم عن طريق الضم إلى ارتفاع اليوريا في دم الإنسان مما قد يؤثر على المخ ويسبب الغيبوبة المفاجئة. (3) لحم الخنزير: والخنزير حيوان قذر يعيش على الأوساخ والقاذورات ، وهو ما تأباه النفس السوية وتعافه وترفض تناوله ، لما فيه من إخلال بطبع الإنسان ومزاجه السوي الذي خلقه الله عز وجل فيه {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} التين (4). ولعل من الجدير بالذكر أن تحريم لحم الخنزير كان قطعيا في أية واحدة، بينما كان تحريم الخمر تدريجيا ونزلت آيات تحريمه على ثلاث مراحل، ولعل هذا الأمر يرجع إلى طبيعة العرب آذاك إذ كان الخمر من أكثر الأمور شيوعا في حياتهم ، وكان من الصعب على النفس البشرية التي اعتادت عليه أن تقلع عنه قطعيا خلال فترة وجيزة وبدون تدرج، أما بالنسبة للحم الخنزير فقد كان التحريم قطعيا بغير تدرج لأن العرب لم يكونوا قد تعودوا على تناوله بشكل مستمر. وقد أجمع العلماء على تحريم جميع أجزاء الخنزير، وذكر الآية للحم الخنزير هو من باب المجاز اللغوي ، إذ أطلق الله عز وجل الجزء ( وهو اللحم) وأراد الكل ( وهو جميع الخنزير) ، لأن اللحم هو الجزء الأهم والمأكول من الخنزير ، وقد أثبت العلم الحديث الحقائق التالية المتعلقة بلحم الخنزير: ()
يعد لحم الخنزير من أكثر أنواع اللحوم الحيوانية التي تحتوي مادة الكوليسترول الدهنية ، والتي تقترن زيادتها في دم الإنسان بزيادة فرص الاصابة بتصلب الشرايين واحتشاء عضلة القلب. كما أن تركيب الأحماض الدهنية في لحم الخنزير تركيب شاذ غريب يختلف عن تركيب الأحماض الدهنية في الأغذية الأخرى، مما يجعل امتصاصها أسهل بكثير من غيرها في الأغذية الأخرى وبالتالي زيادة كوليسترول الدم.
يساهم لحم الخنزير ودهنه في انتشار سرطان القولون والمستقيم والبروتستاتا والثدي والدم .
بسبب لحم الخنزير ودهنه الإصابة بالسمنة وأمراضها التي يصعب معالجتها.
بسبب تناول لحم الخنزير الحكة والحساسية وقرحة المعدة.
بسبب تناول لحم الخنزير الاصابة بالتهابات الرئة والناتجة عن الدودة الشريطية ودودة الرئة والتهابات الرئة الميكروبية.
وتتمثل أهم مخاطر تناول لحم الخنزير في احتواء لحم الخنزير على الدودة الشريطية وتسمى تينياسوليم التي يصل طولها إلى 2-3 متر. ويؤدي نمو بويضات هذه الدودة في جسم الإنسان فيما بعد إلى الإصابة بالجنون والهستيريا في حال نمو هذه البويضات في منطقة الدماغ، وإذا ما نمت في منطقة القلب فإنها تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وحدوث نوبات قلبية ، ومن أنواع الديدان الأخرى التي تتواجد في لحم الخنزير دودة التريكانيلا الشعرية الحلزونية المقاومة للطبخ والتي قد يؤدي نموها في الجسم إلى الإصابة بالشلل والطفح الجلدي. (4) ما أهل لغير الله به: ويحرم الإسلام أكل كل ما ذبح لغير الله أو ذكر عليه غير اسم الله عز وجل، يقول الله تبارك وتعالى : { ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق} الأنعام (121) ، وهذا الأمر يؤكد ارتباط غذاء الإنسان بعقيدته وأنه جزء من منظومة العبودية لله عز وجل، فالأكل من غير ما ذبح لله دليل على موافقة الأكل لهذا الأمر وإقراره عليه. (5) المنخنقةوالموقوذة والمتردية والنطيحة : والمنخنقة: هي التي تخنق فتموت. والموقوذة: هي التي ضربت بعصا أو بحجر فقتلت. والمتردية: هي التي تردت من مكان عال فماتت. والنطيحة: هي التي تنطحها أخرى فتقتلها. () والحيوانات في مثل هذه الحالات لا يحل أكلها لأنها ماتت أو قتلت بغير الذكاة الشرعية التي تساعد على خروج الدم الضار من الجسم، ولذلك فهي تحمل الجراثيم الضارة وتؤدي إلى الإصابة بالأمراض ، لذلك كانت حكمة تحريم أكل هذه اللحوم. (6) ما أكل السبع إلا ما ذكيتم: والمقصود به هو ما جرحه الحيوان المفترس () ، وتبقى جزء من جثته بعد أكل كفايته منها. ولما كانت الحيوانات المفترسة عادة ما تأكل الجيف الحاملة للجراثيم الممرضة، فإن هذه الجراثيم تنتقل إلى الفريسة الجديدة عن طريق الحيوان المفترس ، فيسبب ذلك حصول الأمراض عن أكل لحومها. وتجدر الإشارة إلى أن الإسلام حرم أكل لحوم الحيوانات المفترسة والجارحة التي تتغذى على لحوم حيوانات أخرى، مثل السباع والقطط والكلاب، بالاضافة إلى الطيور الجارحة مثل الصقر والنسر والعقاب، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله حرم أكل كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير" رواه الإمام مالك في الموطأ. وتتميز لحوم هذه الحيوانات بالشدة والقساوة بسبب شد العضلات في جسمها وكبر ححمها ، وذلك لتناسب مع حاجاتها في ملاحظة ومهاجمة الحيوانات ومصارعتها والتغلب عليها لافتراسها ، فيصعب لذلك هضم وبلع هذه اللحوم والاستفادة منها. (7) تحريم الجلالة : والجلالة: هي التي تأكل العذرة من الإبل والبقر والغنم والدجاج والأوز وغيرها حتى يتغير ريحها . فقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شرب لبن الجلالة ، رواه الخمسة إلا ابن ماجة . وإذا ما حبست الجلالة بعيدا عن العذرة وعلفت علفا طاهرا وطاب لحمها جاز أكلها وذهب اسم الجلالة عنها. () ( تحريم المستخبثات والمستقذرات : يقول تعالى : { ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث} الأعراف (157) . والطيبات هي ما تستطيبه النفس وتستلذه من غير ورود نص في تحريمه ، فإن استخبثته فهو حرام. ويدخل في الخبائث كل مستقذر مثل البصاق والمخاط والعرق والمني والروث والقمامة، والقمل والبراغيث والحشرات الضارة ونحو ذلك. ()